کد مطلب:239633 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:148

و یتفرع علی ما سبق
و اذا تحقق لدینا أنهم انما كانوا یقدرون العلم و العلماء لاهداف سیاسیة معینة كما أوضحنا .. فلسوف لا نستغرب اذا رأینا :

أنهم كانوا اذا شعروا بالخطر یتهددهم من قبل أیة شخصیة، ولو كانت علمیة، لا یترددون فی القضاء علیها، و التخلص منها، بأی وسیلة كانت ..

قال أحمد أمین : ان المنصور كان « یقرب المعتزلة اذا شاء، و یقرب المحدثین و الفقهاء، ما لم تقض تعالیم أحدهم بشی ء یمس سلطانه؛ فهناك التنكیل .. » [1] .

و قال السید أمیر علی : « .. كان خلفاء بنی العباس یسحقون كل اختلاف معهم فی الرأی بصرامة . و حتی الفقهاء المعاصرون كانوا عرضة للعقاب؛ اذا تجرءوا علی الافصاح عن رأی لا یتفق و مصلحة الحاكمین .. » [2] .

و لقد رأینا المنصور یدس السم لأبی حنیفة، و یضیق علی الامام الصادق - الذی لم یبایع لمحمد بن عبدالله العلوی - ، و ضیق علی من تلاه من ذریته، و لا حق تلامذته و محبیه ..

لكنه لم یقتل عمرو بن عبید، و لا أهانه بل مدحه بقوله :



كلكم یطلب صید

غیر عمرو بن عبید ..



رغم أن عمرا هذا كان قد بایع لمحمد بن عبدالله العلوی، و رغم أن مذهبه یفرض علیه الخروج علی النظام ؛ لأن من أصول المعتزلة الخمسة،



[ صفحه 408]



التی یكون الانسان بها معتزلیا هو : الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر، و عملا بهذا الأصل كان عمرو هذا قد خرج مع یزید الناقص سنة 126 ه . علی الولید بن یزید - لم یفعل المنصور مع ابن عبید الا كل ما یقتضی الاجلال و التكریم بخلاف ما فعله مع أولئك - لأن عمرا - بخلافهم - قد تخلی عن مذهبه، و مالأ النظام ، و كان المنصور، و من تبعه من الخلفاء یستفیدون منه، و من أضرابه، و لم یروا بأسا فی مبایعته لمحمد لكنهم لما لم یكونوا یستفیدون من أولئك نكلوا بهم، و فعلوا بهم الافاعیل رغم امتناعهم عن مبایعة محمد .. و الا فما قیمة عمرو هذا عند واحد من تلامذة الصادق، كزرارة، و هشام، و محمد بن مسلم، و أضرابهم [3] .


[1] ضحي الاسلام ج 3 ص 202، و لا بأس أيضا بمراجعة ج 2 ص 46 و 47.

[2] روح الاسلام ص 302.

[3] يري البعض : أن الخلفاء كانوا يحاولون القاء أسباب النزاع بين العلماء ؛ بهدف صرفهم عن واقع الامة، و عما يجري و يحدث في مخادع الخلفاء، و داخل قصورهم . و لعل ذلك هو السر في عنايتهم بالترجمة، و ادخال الثقافات الغربية الي البلاد الاسلامية .. و لذا رأينا الكثيرين من المؤرخين غير راضين عن أعمال الترجمة تلك كالمقريزي في النزاع والتخاصم ص 55، و غيره .. و لكل ما ذكرنا شواهد تاريخية كثيرة، ليس هنا محل ذكرها، و لعلنا نوفق لذلك في مجال آخر.